فصل: ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاجْتِهَادِ فِي الدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَنْ صَلَّى وَتَرَكَ السُّجُودَ عَلَى سَائِرِ الْأَعْضَاءِ غَيْرَ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُصَلِّي يَدَعُ السُّجُودَ عَلَى سَائِرِ الْأَعْضَاءِ غَيْرَ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ، فَرُوِّينَا عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا سَاجِدًا رَافِعًا رِجْلَيْهِ، فَقَالَ: مَا تَمَّتْ صَلَاةُ هَذَا، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِذَا وَضَعَ الْيَدَيْنِ بِقَدْرِ الْجَبْهَةِ أَجْزَأَهُ، وَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: إِذَا وَضَعَ الْأَكْثَرَ مِنْ كَفِّهِ جَازَتْ صَلَاتُهُ، وَكَذَلِكَ فِي الرُّكُوعِ. وَقَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ: لَا يُجْزِيهِ حَتَّى يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ فِي السُّجُودِ، وَعَلَى الرُّكْبَتَيْنِ فِي الرُّكُوعِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: وَضَعَ النَّبٍيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَكَفَّيْهِ فِي السُّجُودِ عَلَى الْأَرْضِ، فَهَذَا عِنْدَنَا نُقْصَانٌ مِنْ صَلَاةِ مَنْ تَرَكَهُ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعِيدَ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: كُلَّمَا تَرَكَ السُّجُودَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ، لَمْ يُجِزْهُ، وَيُجْزِيهِ تَغْطِيَتُهَا، إِلَّا أَنَّ اسْمَ السُّجُودِ وَاقِعًا عَلَيْهَا، وَإِنْ حَالَ دُونَهُمَا حَائِلٌ، وَكُلَّمَا لَمْ يَضَعْ مِنْ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ عُضْوًا عَلَى الْأَرْضِ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى إِيقَاعِهِ لَمْ يُجِزْهُ. إِلَّا مَا بَيَّنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الزِّحَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ، إِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي الْبُرْنُسِ، وَلَا يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْهُ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أَدْرَكْتُ الْقَوْمَ يَسْجُدُونَ عَلَى عَمَائِمِهِمْ، وَيَسْجُدُ أَحَدُهُمْ وَيَدَاهُ فِي قَمِيصِهِ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ فِي الْبَرَانِسِ وَالطَّيَالِسَةِ: رَأَيْتُهُمْ يُصَلُّونَ فِيهَا، وَلَا يُخْرِجُونَ أَيْدِيَهُمْ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَأُحِبُّ أَنْ يُبَاشِرَ بِرَاحَتَيْهِ الْأَرْضَ فِي الْبَرْدِ وَالْحَرِّ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَسَتَرَهُمَا مِنْ حَرٍّ وَبَرْدٍ فَسَجَدَ عَلَيْهِمَا، فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ. وَقَالَ: وَفِي هَذَا قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَسْجُدَ عَلَى جَمِيعِ أَعْضَائِهِ الَّتِي أُمِرْنَا بِالسُّجُودِ عَلَيْهَا، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّهُ إِذَا سَجَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ، أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا، دُونَ مَا سِوَاهَا أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ بِالسُّجُودِ قَصْدَ الْوَجْهِ تَعَبُّدًا لِلَّهِ، وَأَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَجَدَ وَجْهِيَ لِلَّذِي خَلَقَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ» وَأَنَّهُ أُمِرَ بِكَشْفِ الْوَجْهِ، وَلَمْ يُؤْمَرْ بِكَشْفِ رُكْبَةٍ وَلَا قَدَمٍ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَسْجُدَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَهُمَا مَسْتُورَانِ بِالثِّيَابِ، وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ وَقَدَمَاهُ فِي الْخُفَّيْنِ وَالْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ، فَهَذِهِ أَعْضَاءُ مِنَ السَّبْعَةِ الَّتِي قَالَ النَّبٍيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعٍ». وَإِذَا كَانُوا قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ فَاللَّازِمُ فِي الْأَعْضَاءِ الثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَيْهَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْضِ حَائِلٌ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ عِنْدَ حَاجَتِهِ لِلْحَرِّ وَالْبَرْدِ، قَالَ: لَوْ لَمْ يَجُزِ السُّجُودُ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ لِلْحَائِلِ بَيْنَ الْجَبْهَةِ وَالْأَرْضِ، لَكَانَ السُّجُودُ لَا يَجُوزُ عَلَى حَصِيرَةٍ، وَلَا خُمْرَةٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ سَجَدُوا عَلَى الْبُسَاطِ، وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَمَّنْ كَرِهَ السُّجُودَ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ اخْتِيَارٌ مِنْهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
1463- حَدَّثنا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَجَدَ يَضَعُ كَفَّيْهِ عَلَى الَّذِي يَضَعُ عَلَيْهِ جَبْهَتَهُ، قَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْبَرْدِ يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ بُرْنُسٍ.

.ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ كَفِّ الشَّعْرِ وَالثِّيَابِ:

1464- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ، وَأَنْ لَا يَكُفُّ شَعَرًا وَلَا ثَوْبًا. فَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ وَهُوَ عَاقِصٌ شَعْرَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةُ، وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا يَكُفُّ الشَّعْرَ عَنِ الْأَرْضِ. وَكَرِهَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا سَجَدَ يَقَعُ شَعْرُهُ عَلَى الْأَرْضِ.
1465- حَدَّثنا الْحَسَنُ بْنُ عَفَّانَ قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: مَرَّ عَبْدُ اللهِ عَلَى رَجُلٍ سَاجِدًا عَاقِصَ شَعْرِهِ، فَحَلَّهُ، قَالَ: فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ فَلَا تَعْقِصْ شَعْرَكَ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنَّ شَعْرَكَ يَسْجُدُ مَعَكَ، وَإِنَّ لَكَ عَلَى سُجُودِهِ أَجْرًا. قَالَ: إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَتَتَرَّبَ، قَالَ: يَتَتَرَّبُ خَيْرٌ لَكَ.
1466- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: مَرَّ حُذَيْفَةُ بِابْنٍ لَهُ قَدْ عَقَصَ شَعْرَهُ، وَلَهُ ضَفْرَانِ إِذَا سَجَدَ وَقَاهُمَا مِنَ التُّرَابِ، فَأَخَذَ بِشَفْرَةٍ فَقَطَعَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ قَالَ: اصْنَعْ بِالْآخَرِ إِنْ شِئْتَ كَذَا أَوْ دَعْ قَالَ: وَمَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِرَجُلٍ قَائِمٍ وَهُوَ عَاقِصٌ شَعْرَهُ مِنْ خَلْفِهِ، فَجَبَذَهُ حَتَّى صَرَعَهُ.
1467- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ.
1468- حَدَّثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ أَمَامَنَا طَوِيلَ الشَّعْرِ، إِذَا سَجَدَ وَقَعَ شَعْرُهُ عَلَى الْأَرْضِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَكَانَ الشَّافِعِيُّ وَعَطَاءٌ يَقُولَانِ: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ أَحْفَظُ عَنْ كُلِّ مَنْ لَقِيتُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، غَيْرَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، فَإِنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ: عَلَيْهِ إِعَادَةُ تِلْكَ الصَّلَاةِ.

.ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالتَّسْبِيحِ فِي السُّجُودِ:

1469- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَمِّهِ إِيَاسِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] الْآيَةَ، قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ».
1470- حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ الْغَافِقِيِّ، مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، وَكَانَ مُوسَى سَمَّاهُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74] الْآيَةَ، قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ». وَلَمَّا نَزَلَتْ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] الْآيَةَ، قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ». قَالَ: وَكَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَكَعَ قَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ». ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى». ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
1471- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ»، وَفِي سُجُودِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى». ثَلَاثًا، قُلْتُ: بِالْخَفْضِ وَبِحَمْدِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ إِنْ شَاءَ اللهُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ثَلَاثًا، وَفِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثَلَاثًا. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَكَعَ قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا فَزِيَادَةً وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَبٍحَمْدِهٍ ثَلَاثًا فَزِيَادَةُ.
1472- حَدَّثنا عَلِيُّ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي الضُّحَى أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ثَلَاثًا، وَفِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثَلَاثًا.
1473- حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ بِشْرِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ: كَانَ إِذَا رَكَعَ قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا فَزِيَادَةً، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا فَزِيَادَةً. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَكَانَ أَبِي يَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهُ.
1474- حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: ارْكَعْ حَتَّى تَسْتَمْكِنَ كَفَّاكَ مِنْ رُكْبَتَيْكَ قَدْرَ ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ، ثُمَّ ارْفَعْ صُلْبَكَ حَتَّى يَأْخُذَ كُلُّ عَظْمٍ مِنْكَ مَوْضِعَهُ. وَقَالَ طَاوُسٌ: فِي وِقَاءِ السُّجُودِ أَشَارَ بِيَدِهِ ثَلَاثَ تَسْبِيحَاتٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: التَّامُّ مِنَ السُّجُودِ سَبْعًا، وَالْمُجْزِي ثَلَاثٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ: الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ اللهِ ثَلَاثًا فَإِنَّمَا صَلَاتُهُ النَّقْرُ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا عَلَى مَنْ تَرَكَ التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: الْمُجْزِي ثَلَاثٌ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا تَتِمُّ صَلَاتُهُ إِلَّا بِالتَّكْبِيرَاتِ، وَالتَّسْبِيحِ، وَالتَّشَهُّدِ، وَالْقِرَاءَةِ، فِيمَا تَرَكَهَا تَارِكٌ عَمْدًا كَانَ تَارِكًا لِمَا أُمِرَ بِهِ، فَعَلَيْهِ إِعَادَتُهَا. وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَبَّحَ فِي سُجُودِهِ وَقَالَ لَمَّا نَزَلَتْ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] الْآيَةَ: «اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ». وَكَذَلِكَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74] الْآيَةَ: «اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ». وَهَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْكَدَ فِي بَابِ الْأَمْرِ مِنَ التَّشَهُّدِ فَلَيْسَ بِدُونِهِ، فَاللَّازِمُ لِمَنْ جَعَلَ التَّشَهُّدَ فَرْضًا وَجَعَلَ عَلَى تَارِكِهِ إِعَادَةَ الصَّلَاةِ أَنْ يَقُولَ كَذَلِكَ فِي تَارِكِ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، إِذْ هُوَ فِي بَابِ الْأَمْرِ مِثْلُهُ أَوْ أَوْكَدُ مِنْهُ، وَأَسْقَطَتْ طَائِفَةٌ فَرْضَ التَّسْبِيحِ عَنِ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ وَقَالَتْ: لَا إِعَادَةَ عَلَى تَارِكِهِ، فَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَدْ أَتَمَّ، وَإِذَا أَمْكَنَ جَبْهَتَهُ مِنَ الْأَرْضِ فَقَدْ أَتَمَّ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: وَإِنْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا، وَقَالَ الْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ نَحْوَهُ، وَقِيلَ لِابْنِ أَبِي نَجِيحٍ: أَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ: يُجْزِيهِ إِذَا وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ؟ قَالَ: فَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ.
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِذَا تَرَكَ التَّكْبِيرَ سِوَى تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ، وَقَوْلَهُ سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَالذِّكْرَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، لَمْ يُعِدْ صَلَاتَهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ رِفَاعَةَ، وَلَعَمْرِي لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى حَدِيثِ رِفَاعَةَ فَلَمْ يَفْرِضْ غَيْرَ مَا فِيهِ مِثْلَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّلَاةِ، لَكَانَ قَدْ ذَهَبَ مَذْهَبًا، فَإِنَّهُ قَالَ قَائِلٌ: التَّشَهُّدُ وَجَبَ بِحَدِيثٍ آخَرَ، قِيلَ لَهُ: وَكَذَلِكَ التَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَجَبَ بِحَدِيثٍ آخَرَ، وَلَنْ يَدْخُلَ فِي أَحَدِهِمَا شَيْءٌ إِلَّا دَخَلَ فِي الْآخَرِ مِثْلُهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِيمَنْ سَبَّحَ تَسْبِيحَةً فِي سُجُودِهِ: يُجْزِيهِ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: لَيْسَ عِنْدَنَا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَوْلٌ مَحْدُودٌ، وَلَا تَسْبِيحٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَقَدْ سَمِعْتُ أَنَّ التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ الْمُصَلِّي فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ أَجْزَأَ عَنْهُ بَعْدَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ حَتَّى يَطْمَئِنَّ. ابْنُ نَافِعٍ عَنْهُ. وَحَكَى ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْأَمِيرَ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَجَابَهُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ، يَعْنِي التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، قَالَ مَالِكٌ: إِذَا أَمْكَنَ جَبْهَتَهُ فِي سُجُودِهِ، وَيَدَيْهِ فِي رُكُوعِهِ، فَقَدْ تَمَّ ذَلِكَ، قَالَ: وَيَضَعُ الْأَنْفَ مَعَ الْجَبْهَةِ.

.ذِكْرُ نَوْعٍ ثَانٍ مِمَّا يُقَالُ فِي السُّجُودِ:

1475- حَدَّثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَعَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَبَّرَ، ثُمَّ إِذَا سَجَدَ قَالَ فِي سُجُودِهِ: «اللهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ».

.نَوْعٌ ثَالِثٌ مِمَّا يُقَالُ فِي السُّجُودِ:

1476- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَلٍّ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: ثنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ، سَبَقَتْ رَحْمَةُ رَبِّي غَضَبَهُ».

.ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاجْتِهَادِ فِي الدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ:

1477- أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَآخَرُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا» قَالَ أَحَدُهُمَا: «فِيهِ مِنَ الدُّعَاءِ» وَقَالَ الْآخَرُ: «فَاجْتَهِدُوا الدُّعَاءَ؛ فَإِنَّهُ قَمِنَ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ».